فصل: الفصل الرابع في الرجوع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الفصل الرابع في الرجوع:

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اُكْفُلْ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنِّي، أَوْ قَالَ اُنْقُدْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ عَنِّي، أَوْ قَالَ اضْمَنْ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالَ اضْمَنْ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيَّ، أَوْ قَالَ اقْضِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ اقْضِهِ عَنِّي، أَوْ قَالَ أَعْطِهِ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَوْفِهِ عَنِّي، أَوْ قَالَ ادْفَعْ إلَيْهِ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ ادْفَعْ لَهُ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمَا دَفَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
كُلُّ مَوْضِعٍ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ مَا كَفَلَ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَإِذَا أَدَّى الْمَالَ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ بِمَا كَفَلَ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى حَتَّى لَوْ أَدَّى الزُّيُوفَ وَقَدْ كَفَلَ بِالْجِيَادِ يَرْجِعُ بِالْجِيَادِ وَلَوْ أَدَّى مَكَانَ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمَ، وَقَدْ كَفَلَ بِالدَّنَانِيرِ، أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ عَلَى سَبِيلِ الصُّلْحِ رَجَعَ بِمَا كَفَلَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالدُّيُونِ حَتَّى أَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إذَا كَانَ صَبِيًّا مَحْجُورًا وَأَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فَكَفَلَ وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فَكَفَلَ وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِذَا كَفَلَ عَنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِأَمْرِهِ وَأَدَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
لَوْ قَالَ ادْفَعْ أَوْ اضْمَنْ، أَوْ اُكْفُلْ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، أَوْ لَهُ عَلَيَّ فَإِنْ كَانَ خَلِيطًا لَهُ بِأَنْ كَانَ يَأْخُذُ الرَّجُلُ مِنْهُ وَيُدَايِنُهُ وَيَضَعُ عِنْدَهُ الْمَالَ، أَوْ يَكُونُ فِي عِيَالِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَمَرَ حَرِيفًا لَهُ مِنْ الصَّيَارِفَةِ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ قَضَاءً عَنْهُ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرِيفًا لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنِّي ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِخَلِيطٍ لَهُ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْقَاضِي قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ دَفْعُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَان.
لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ حَاضِرٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَقَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: قَدْ رَضِيت بِكَفَالَتِك إنْ كَانَ رِضَاهُ قَبْلَ قَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ أَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ رِضَاهُ بَعْدَ قَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ لَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ لِرِضَاهُ عِبْرَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
كَفَلَ عَبْدٌ عَنْ سَيِّدِهِ فَعَتَقَ فَأَدَّاهُ، أَوْ كَفَلَ سَيِّدُهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَأَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَالْمَرْأَةُ سَاكِنَةٌ فِي مَنْزِلِ بَعْلِهَا فَنَزَلَ بِهَا وَضَمِنَ عَنْهَا الْأَجْرَ فَإِذًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهَا، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهَا نَظِيرَ هَذَا مَا لَوْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ عَنْ الِابْنِ الصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ، وَالرِّوَايَةُ مَحْفُوظَةٌ فِي الْأَبِ إذَا شَرَطَ وَقْتَ الضَّمَانِ، وَالْأَدَاءِ أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ وَأَدَّى لِيَرْجِعَ عَلَى الِابْنِ إنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الِابْنِ فَفِي الْمَرْأَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ كَفَلَ لِلْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَوَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْكَفِيلِ فَقَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا قَالَ رُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَفِيلِ سَبِيلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الثِّيَابَ فِي السَّلَمِ رَجَعَ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ شَرَطَ فِي السَّلَمِ التَّسْلِيمَ فِي الْمِصْرِ وَبِهِ كَفِيلٌ فَسَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمُسْلَمَ فِيهِ خَارِجَ الْمِصْرِ بِرِضَا رَبِّ السَّلَمِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْمِصْرِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَضَمِنَهَا رَجُلٌ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدَفَعَهَا الضَّامِنُ إلَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ فَالْمُدَّعِي يَدْفَعُ مَا قَبَضَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ الضَّامِنُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَمَرَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَضْمَنَ عَنْهُ لِرَجُلٍ أَلْفًا حَالَّةً، أَوْ إلَى أَجَلٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَتْ الْأَلْفُ الَّتِي لِلْآمِرِ عَلَى الْمَأْمُورِ حَالَّةً وَضَمِنَ الْمَأْمُورُ عَنْهُ أَلْفًا إلَى أَجَلٍ فَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ حَلَّتْ، أَوْ لَمْ تَحِلَّ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَلْفُ الَّتِي لِلْآمِرِ مُؤَجَّلَةً فَضَمِنَ عَنْهُ أَلْفًا مُؤَجَّلَةً إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، ثُمَّ حَلَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْمَنَ لِغَرِيمِهِ عَنْهُ أَلْفًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَصْلِ الْمُعِيرُ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا بِرَدِّ الْمُسْتَعَارِ، أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ حَمَلَ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الْمَالِكِ كَانَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَالْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْحَمْلِ، وَهُوَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْكَفَالَةِ وَكَالَةٌ بِأَنْ وَكَّلَ الْمُسْتَعِيرُ، أَوْ الْغَاصِبُ وَكِيلًا يُوَافِي ذَلِكَ فِي مَنْزِلِ الْمُعِيرِ، أَوْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، أَوْ حَيْثُ وَقَعَ الْغَصْبُ، أَوْ الْعَارِيَّةُ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى النَّقْلِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يُجْبَرُ عَلَى النَّقْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلٍ كَفَلَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَدَّاهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْكَفِيلِ، ثُمَّ جَحَدَ الطَّالِبُ ذَلِكَ وَحَلَفَ فَأَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي دَفَعَ بِمَحْضَرٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، ثُمَّ جَحَدَ الطَّالِبُ الْقَبْضَ وَحَلَفَ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ضَمِنَ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَتِهِ كَذَا فِي التَّتَارِ خَانِيَّةِ نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ رَجُلٌ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَنَقَدَ الْكَفِيلُ الْبَائِعَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ، ثُمَّ غَابَ الْكَفِيلُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَهُ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ، ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْكَفِيلُ.
ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْكَفِيلُ كَانَ لِلْكَفِيلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْآخَرَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ حِينَ نَقَدَ الثَّمَنَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَغَابَ، ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى جَارِيَةً وَظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ بِالثَّمَنِ كَفِيلٌ عَنْ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَغَابَ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ سَوَاءٌ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَلَكِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ بِقَضَاءٍ.
أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ رَدَّهُ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَيْهِ قَالَ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ رَجُلٌ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَ الْبَائِعَ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَالْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الدَّنَانِيرِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ، وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ حَضَرَ الْكَفِيلُ أَتْبَعَ الْبَائِعَ بِالدَّنَانِيرِ وَلَوْ أَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّرَاهِمَ فَإِنَّ هُنَاكَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الصُّلْحِ بَيْعٌ بِأَنْ بَاعَ الْكَفِيلُ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ كَانَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ وَالصُّلْحُ سَوَاءً، وَأَرَادَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالصُّلْحِ التَّسْوِيَةَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّ بِهِ الْعَبْدُ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا فَإِنَّ هُنَاكَ الْبَيْعُ يَبْطُلُ كَمَا أَنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ.
وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ فَالْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ، وَالصُّلْحُ يَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قِبَلَ التَّسْلِيمِ وَقَدْ كَانَ الْكَفِيلُ بَاعَ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالدَّرَاهِمِ وَقَبَضَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْبَيْعِ صُلْحٌ بِأَنْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الْبَائِعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الصُّلْحِ، وَالْبَيْعِ فَفِي الصُّلْحِ لِبَائِعِ الْعَبْدِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّ خَمْسِينَ دِينَارًا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَفِي الْبَيْعِ لَا يَتَخَيَّرُ بَلْ يَرُدُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا مَحَالَةَ، ثُمَّ فِي مَسْأَلَةِ.
الصُّلْحِ إذَا اخْتَارَ الْبَائِعُ الدَّنَانِيرَ فَالْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّ الدَّرَاهِمَ فَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يَقْبِضُهَا مِنْ الْبَائِعِ فَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ مَأْمُورًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَقْضِيَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَبَاعَ الْمَأْمُورُ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ أَوَصَالَحَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ كَفَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ بَاعَ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ أَوْ صَالَحَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا الصُّلْحُ إنْ صَالَحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمُتَبَرِّعِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ أَيْضًا، وَإِنْ صَالَحَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ جَازَ الصُّلْحُ وَإِنْ أُطْلِقَ الصُّلْحُ إطْلَاقًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا صَحَّ الصُّلْحُ فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ اُسْتُحِقَّ فَفِيمَا إذَا أُطْلِقَ الصُّلْحُ إطْلَاقًا لَا سَبِيلَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الَّذِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ إعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إنْ قَضَى نَائِبُهُ غَيْرَهُ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذَا إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا عَنْ إكْرَاهٍ أَمَّا إذَا كَانَ مُكْرَهًا فِي الْأَمْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِي الرُّجُوعِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ أَسِيرًا فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ إنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَسِيرِ فَيُخَلَّى سَبِيلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ سَوَاءٌ أَمَرَهُ الْأَسِيرُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيَّ، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ مِنْ مَالِك عَلَى عِيَالِي، أَوْ أَنْفِقْ فِي بِنَاءِ دَارِي فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَنْفَقَ وَكَذَا الْأَسِيرُ إذَا أَمَرَ رَجُلًا لِيَدْفَعَ الْفِدَاءَ وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلُ تَكَارَى إبِلًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا مَحَامِلَ وَزَوَامِلَ وَأَخَذَ بِهَا كَفِيلًا، ثُمَّ غَابَ الْحَمَّالُ وَحَمَلَ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكَارِي بِأَجْرِ مِثْلِهِ يَوْمَ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْخِيَاطَةِ وَإِذَا أَحَالَ الْكَفِيلُ صَاحِبَ الْحَقِّ بِدَيْنِهِ وَأَبْرَأَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ كَانَ لِلْمُحِيلِ، وَهُوَ الْكَفِيلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَمَرَ رَجُلًا حَتَّى كَفَلَ بِهَا عَنْهُ لِلطَّالِبِ، ثُمَّ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ الْأَصْلُ لِرَجُلٍ اُكْفُلْ بِنَفْسِ هَذَا الْكَفِيلِ فَفَعَلَ، ثُمَّ أَخَذَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ سَبِيلٌ وَلَوْ كَانَ أَمَرَ رَجُلًا حَتَّى كَفَلَ عَنْ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ أَخَذَ الْكَفِيلَ الثَّانِيَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ هَبْ لِفُلَانٍ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوَهَبَ الْمَأْمُورُ كَمَا أَمَرَ كَانَتْ الْهِبَةُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَا عَلَى الْقَابِضِ وَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ، وَالدَّافِعُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَوْ قَالَ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَفَعَلَ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ وَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْهُ عَنِّي، أَوْ أَعْطِهِ عَنِّي حَيْثُ يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَلَوْ أَعْطَى غَيْرَ مَا أَمَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْآمِرُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ خَلِيطًا لَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ مَالًا لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ أَمَرَ رَجُلًا لِيُعَوِّضَ الْوَاهِبَ عَنْ هِبَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ جَازَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْآمِرُ فِي الْأَمْرِ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيَّ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ وَكَذَا لَوْ قَالَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِي بِطَعَامِك، أَوْ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي بِمَالِ نَفْسِك، أَوْ أَحْجِجْ عَنِّي رَجُلًا بِكَذَا أَوْ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا عَنْ ظِهَارِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ هَبْ لِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ لَهَا وَفُلَانٌ حَاضِرٌ فَقَالَ نَعَمْ، ثُمَّ وَهَبَهُ الْمَأْمُورُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْهِبَةُ مِنْ الضَّامِنِ وَيَكُونُ الْمَالُ قَرْضًا لِلدَّافِعِ عَلَى الضَّامِنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَأَمَرَ الْغَرِيمُ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ صَاحِبَ الْمَالِ مَالَهُ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ قَضَيْت صَاحِبَ الْمَالِ مَالَهُ فَأَنَا أَرْجِعُ إلَيْك فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ مَا قَضَيْت شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْآمِرُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَقَالَ الْكَفِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَيْت صَاحِبَ الْمَالِ مَالِهِ وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَحَلَفَ وَأَخَذَ مَالَهُ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَمْ يَرْجِعْ الْكَفِيلُ عَنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ جَحَدَ الْقَضَاءَ أَيْضًا فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَضَاهُ صَاحِبَ الْمَالِ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَتُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الطَّالِبِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ قَالَ لِلْمَأْمُورِ إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا فَبِعْهُ عَبْدَك بِهَا كَانَ هَذَا جَائِزًا فَإِنْ بَاعَهُ الْعَبْدَ بِهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَاعَنِي إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ وَقَالَ الْآمِرُ، وَالْبَائِعُ لَا بَلْ قَبَضْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ هَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَبْطُلُ بِهِ حُكْمُ الْمُقَاصَّةِ وَكَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَرِيمِهِ، وَهُوَ الْآمِرُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ، وَإِنْ جَحَدَ الْآمِرُ قَبْضَ الطَّالِبِ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الْآمِرِ عَلَى قَبْضِ الطَّالِبِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ قَالَ لَهُ صَالِحْ فُلَانًا مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَيَّ عَلَى عَبْدِك هَذَا فَصَالَحَهُ فَقَالَ الطَّالِبُ: لَمْ.
أَقْبِضْ فَهَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَفِي فَصْلِ الْبَيْعِ يَرْجِعُ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا وَشَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ وَشَهِدَا أَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ أَمَرَ الْكَفِيلَ بِذَلِكَ، وَالْكَفِيلُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ يُنْكِرَانِ الْمَالَ، وَالْأَمْرَ فَقَضَى الْقَاضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَخَذَ الْمَالَ وَأَدَّاهُ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا كَفَالَةٌ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
أَوْدَعَهُ أَلْفًا، أَوْ عَبْدًا وَأَذِنَ الْمُودِعُ لِلْمُودَعِ أَنْ يَقْضِيَ بِأَلْفِ الْوَدِيعَةِ دَيْنَهُ، أَوْ يُصَالِحَ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَقَالَ فَعَلْت وَكَذَّبَهُ غَرِيمُهُ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْمَدْيُونِ بَعْدَمَا حَلَفَ ضَمِنَ الْمَدْيُونُ الْوَدِيعَةَ وَلَوْ أَذِنَ رَبُّ الْعَبْدِ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَبِيعَهُ بِدَيْنِهِ فَقَالَ بِعْت وَسَلَّمْت وَكَذَّبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُودِعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمَدْيُونُ لِرَجُلٍ ادْفَعْ إلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَقْبِضَهَا مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ: دَفَعْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الطَّالِبُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِالْأَلْفِ وَلَوْ كَانَ الْمَدْيُونُ قَالَ لَهُ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً مِمَّا لَهُ عَلَيَّ إنِّي ضَامِنٌ بِمَا تَدْفَعُ فَقَالَ الْمَأْمُورُ دَفَعْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الطَّالِبُ وَحَلَفَ وَرَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِدَيْنِهِ لَمْ يَرْجِعْ الْمَأْمُورُ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَوْ جَحَدَ الْآمِرُ، وَالطَّالِبُ الدَّفْعَ وَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الدَّفْعِ، وَالْقَضَاءِ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ وَيَرْجِعُ الطَّالِبُ عَلَى الْآمِرِ بِدَيْنِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بَرِئَ الْآمِرُ عَنْ دَيْنِ الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.الفصل الخامس في التعليق والتعجيل:

يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ كَمَا لَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ وَمَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَمَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ، ثُمَّ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُلَائِمًا بِأَنْ كَانَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوَّلًا مَكَانَ الِاسْتِيفَاءِ كَقَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ، وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ، أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ كَقَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلَدِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلَائِمًا كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ، أَوْ إنْ جَاءَ الْمَطَرُ، أَوْ إنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ لَا يَصِحُّ، وَالْكَفَالَةُ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ فَلَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ إذَا بِعْت فُلَانًا شَيْئًا فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ شَيْئًا، ثُمَّ بَاعَهُ شَيْئًا آخَرَ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَيَّ فَهَذَا جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا بَاعَهُ شَيْئًا بِأَيِّ جِنْسٍ بَاعَهُ وَبِأَيِّ قَدْرٍ بَاعَهُ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ فَإِنْ جَحَدَ الْكَفِيلُ وَقَالَ لَمْ تَبِعْ شَيْئًا وَقَالَ الطَّالِبُ بِعْته مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ مِنِّي وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ هَلْ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ هَذَا الْمَالُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ قَائِمًا فِي يَدِهِ، أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَفِي هَذَا، الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَهَكَذَا رَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ هَالِكًا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ مَا لَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ بِعْته بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَالَ الطَّالِبُ بِعْته بِأَلْفٍ وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهَذَا عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْته الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ الْمَبِيعَيْنِ الْيَوْمَ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالَانِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كُلَّمَا بِعْته وَلَوْ قَالَ إنْ بِعْته مَتَاعًا، أَوْ إذَا بِعْته مَتَاعًا فَأَنَا ضَامِنٌ لِثَمَنِهِ فَبَاعَهُ مَتَاعًا نِصْفَيْنِ كُلَّ نِصْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ مَا بِعْته مِنْ زُطِّيٍّ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَ ثِيَابًا هُودِيَّةً، أَوْ كُرَّ حِنْطَةٍ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَك مِنْ خُسْرَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ إنْ هَلَكَ عَبْدُك هَذَا فَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَ فُلَانًا الْيَوْمَ بِبَيْعٍ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ.
رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ خَادِمَك فُلَانًا هَذَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لِهَذَا الْأَلْفِ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الْكَفِيلُ إلَّا أَلْفًا وَلَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ بِخَمْسِمِائَةٍ ضَمِنَ الْخَمْسَمِائَةِ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ مَا دَايَنْته فَهُوَ عَلَيَّ الْقَرْضُ، وَالْمُبَايَعَةُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الضَّمَانِ قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ مَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ مَا أَقْرَضْته الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ مَتَاعًا لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ثَمَنُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إنْ قَالَ تَكَفَّلْت لَك بِمَا عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ الْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي قَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى كَفِيلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ فَقَالَ: مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ مَرِضَ الْكَفِيلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَزِمَ الْمَرِيضَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَالِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِذَلِكَ بَعْدَمَا مَاتَ الْكَفِيلُ لَزِمَ الْكَفِيلَ وَيُخَاصِمُ الْمَكْفُولُ لَهُ غُرَمَاءَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إنْ قَالَ مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ، أَوْ مَا ثَبَتَ أَوْ مَا قُضِيَ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَالٍ لَزِمَ الْكَفِيلَ إلَّا فِي قَوْلِهِ مَا قُضِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي وَلَوْ قَالَ مَا لَك، أَوْ مَا أَقَرَّ لَك بِهِ أَمْسِ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ أَقْرَرْت لَهُ بِأَلْفٍ لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ فَإِنْ قَالَ مَا أَقَرَّ فَأَقَرَّ فِي الْحَالِ يَلْزَمُهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَا كَانَ أَقَرَّ لَك وَلَوْ أَبَى الْمَطْلُوبُ الْيَمِينُ فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَالَ الطَّالِبُ لِي عَلَيْهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَقَالَ الْكَفِيلُ مَا لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ وَيَجِبُ الْأَلْفُ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ بِمَا ذَابَ عَلَيْهِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْكَفِيلِ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَضَرَبَ الطَّالِبُ مَعَ غُرَمَائِهِ إنْ كَانَ الْأَصِيلُ مَيِّتًا وَمَا أَخَذَ وَارِثُ الطَّالِبِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ يَضْرِبُ فِيهِ الطَّالِبُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ الطَّالِبُ ضَرَبَ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ مَعَ غُرَمَائِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ فِي تَرِكَةِ الْكَفِيلِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِأَمْرِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ هَذَا الْعَبْدَ رَهْنًا وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَى الطَّالِبِ، ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ أَبَى أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْكَفِيلُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ، وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ جَرَى بَيْنَ الْكَفِيلِ وَبَيْنَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّالِبِ فَلَوْ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إذَا لَمْ يَسْلَمْ لَهُ شَرْطٌ لَثَبَتَ لَهُ هَذَا الْخِيَارُ مِنْ جِهَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ لَيْسَ لَهُ هَذَا الْخِيَارُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الطَّالِبِ بِأَنْ قَالَ لِلطَّالِبِ اُكْفُلْ لَك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي الْمَطْلُوبُ بِهَذَا الْمَالِ عَبْدَهُ هَذَا رَهْنًا فَكَفَلَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَأَبَى الْمَطْلُوبُ أَنْ يُعْطِيَهُ الرَّهْنَ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ جَانِبِ الطَّالِبِ وَلِلطَّالِبِ هَذَا الْخِيَارُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ فَيَفْسَخَ الْكَفَالَةَ وَلَهُ أَنْ لَا يُبْرِئَهُ فَتَبْقَى الْكَفَالَةُ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْكَفِيلِ فِي الْخِيَارِ هَذَا الْخِيَارُ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلطَّالِبِ أَكْفُلُ لَك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي الْمَطْلُوبُ عَبْدَهُ هَذَا رَهْنًا فَإِنْ لَمْ يُعْطِنِي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ وَكَفَلَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَأَبَى الْمَطْلُوبُ أَنْ يُعْطِيَهُ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ.
إذَا قَالَ لِلْمَطْلُوبِ أَكْفُلُ عَنْك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَفِيلًا لَا يَتَخَيَّرُ الْكَفِيلُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهَا وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِنِي كَفِيلًا بِالْمَالِ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَمْ يُعْطِهِ كَفِيلًا فَهُوَ بَرِيءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهُ مِنْ وَدِيعَةِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَهُ فَالضَّمَانُ جَائِزٌ وَيُجْبَرُ الْمُودَعُ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ طَلَبَ مِنْ الْمُودَعِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَدِيعَةَ حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى فُلَانٍ قَضَاءً بِدَيْنِهِ هَذَا فَفَعَلَ كَانَ جَائِزًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سَوَاءٌ.
وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ أَنَّ هَذَا الضَّامِنَ رَدَّ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا، أَوْ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ فَالْمَالُ عَلَى الضَّامِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهُ مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَبِعْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ ضَمَانٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ لَوْ ضَمِنَهَا عَلَى أَنْ يَقْضِيَهَا مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّارِ فَبَاعَ الدَّارَ بِعَبْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ فِي الضَّمَانِ فَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ جُعِلَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ اُسْتُحْسِنَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ مَالًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ لِلْكَفِيلِ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ عَنْ الْكَفِيلِ، وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَهِيَ قِيمَتُهُ، وَالدَّيْنُ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا ضَمِنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ وَلَيْسَ الْعَبْدُ لَهُ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَلَوْ ضَمِنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ عَبْدِهِ وَلَا عَبْدَ لَهُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ ضَمِنَ لِرَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَهَا هَهُنَا وَنِصْفَهَا بِالرَّيِّ وَلَمْ يُوَقِّتْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَأْخُذُهُ حَيْثُمَا شَرَطَ، وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ ضَمِنْت لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا إلَيْك فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا إلَيْك فِي حَيَاتِي فَهُوَ جَائِزٌ يُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْ مِيرَاثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَقَضَى عَلَيْهِ قَاضٍ غَيْرُ قَاضِيهَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ قَالَ مَا وَجَبَ لَك عَلَى فُلَانٍ بِحُكْمِ فُلَانٍ الْحَكَمِ فَهُوَ عَلَيَّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ كِلَا الْقَاضِيَيْنِ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَذْكُورُ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فَقَضَى بِهِ قَاضٍ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ، وَفِي زَمَانِنَا يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا فَأَخَذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَقَالَ لِلْكَفِيلِ إنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ غَدًا فَعَلَيْك مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا بَلْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَسَكَتَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُنَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ الْمِائَةُ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ، ثُمَّ إذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا يَصِيرُ كَفِيلًا بِالْمِائَةِ وَتَبْقَى الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ أَدَّى الْكَفِيلُ الْمِائَةَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَجَاءَ آخَرُ وَكَفَلَ بِنَفْسِ الْكَفِيلِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِنَفْسِ الْكَفِيلِ فِي وَقْتِ كَذَا فَالْمَالُ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ بِلَا خِلَافٍ.
إذَا كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَالْأَلْفُ الَّتِي لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَيَّ، وَالطَّالِبُ يَدَّعِي عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ إنْ غَابَ عَنْهُ الْكَفِيلُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ فَغَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ إلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ رَجَعَ وَدَفَعَهُ الْكَفِيلُ إلَى الطَّالِبِ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا ادَّعَى الطَّالِبُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا وَادَّعَى الطَّالِبُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَدَّقَهُ الْمَطْلُوبُ وَجَحَدَهَا الْكَفِيلُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْكَفِيلِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ نَكَلَ الْكَفِيلُ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْأَلْفُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ الْغَدَ وَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ الْكَفِيلُ ضَامِنًا لِمَا أَقَرَّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ الْكَفَالَةُ أُضِيفَتْ إلَى مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُودِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهِيَ جَائِزَةٌ لِلتَّعَامُلِ أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الدَّعْوَى فَالْكَفَالَةُ أُضِيفَتْ إلَى مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ سَبَبَ الْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا تَعَامُلَ فِي إضَافَةِ الْكَفَالَةِ إلَى مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ مِنْ وَجْهٍ فَيُرَدُّ إلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لَوْ جَعَلْنَاهَا مُضَافَةً إلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَجَعَلْنَاهَا مُضَافَةً إلَى دَعْوَى يُثْبِتُهَا الطَّالِبُ بِالْحُجَّةِ حَتَّى تَصِيرَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَا تَغْلُو هَذِهِ الْإِضَافَةُ أَصْلًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ فَلَقِيَ الطَّالِبُ الرَّجُلَ فَخَاصَمَهُ الطَّالِبُ وَلَازَمَهُ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ، وَإِنْ لَازَمَهُ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْكَفِيلِ الْمُوَافَاةُ بِهِ وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلطَّالِبِ قَدْ دَفَعْت نَفْسِي إلَيْك مِنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
إذَا شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مَا لَك عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَلَمْ يُسَمِّ مِقْدَارَ الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ أَيْضًا فَإِذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا إنْ تَوَافَقُوا عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْمَالِ، أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ.
إذَا شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ فَعَلَيَّ الْمِائَةُ الَّتِي عَلَيْهِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا يُنْظَرُ إنْ أَقَرَّ الْكَفِيلُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَفَلَ عَنْهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ كَفِيلًا وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ الْكَفِيلُ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَكَانَ هَذَا مِنِّي إقْرَارٌ لِلطَّالِبِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الطَّالِبُ: كَانَ لِي عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَفَلْت لِي عَنْهُ بِذَلِكَ مُعَلِّقًا بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْكَفِيلِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَوَّلُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْآخِرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ مَتَى دَعَاهُ بِهِ فَعَلَيَّ الْأَلْفُ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ دَعَاهُ بِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ مَكَانَهُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْنَى قَوْلِهِ دَفَعَهُ إلَيْهِ مَكَانَهُ سَلَّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي دَعَاهُ بِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَمَا دَعَاهُ بِهِ اشْتَغَلَ بِإِحْضَارِهِ وَبِمَا هُوَ أَسْبَابُ تَسْلِيمِهِ حَتَّى دَفَعَ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَك فَهُوَ عَلَيَّ فَتَقَاضَاهُ الطَّالِبُ فَلَمْ يُعْطِهِ الْمَطْلُوبَ سَاعَةَ تَقَاضَاهُ لَزِمَ الْكَفِيلَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ سِوَى الْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيْهِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِهِمَا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا عَنْ غَرِيمٍ آخَرَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ أَصْلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِيرُ كَفِيلًا عَنْ غَرِيمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمِائَةُ الدَّرَاهِمُ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ آخَرَ عَلَيَّ فَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ شَرِيكَ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فِي الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ عَلَيْهِمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا لَزِمَهُ الْمَالُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ حَاضِرٌ وَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا قَالَ إذَا لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ الْمِائَةُ الدِّرْهَمِ الَّتِي لَك عَلَيْهِ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ لَا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ آخَرَ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لِفُلَانٍ آخَرَ عَلَى هَذَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَسَمَّى رَجُلًا آخَرَ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ حَقٌّ فَالْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ جَائِزَةٌ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا يَصِيرُ كَفِيلًا بِنَفْسِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فِي وَقْتِ كَذَا فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَتَغَيَّبَ الطَّالِبُ عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ فَطَلَبَهُ الْكَفِيلُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الطَّالِبِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَالُ لَازِمٌ عَلَى الْكَفِيلِ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَى الْكَفِيلِ مَكَانًا فَجَاءَ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَطَلَبَ الطَّالِبُ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَتَغَيَّبَ الطَّالِبُ كَانَ الْمَالُ لَازِمًا عَلَى الْكَفِيلِ وَعَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا تَغَيَّبَ الطَّالِبُ يَرْفَعُ الْكَفِيلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا لِلْغَائِبِ وَيُسَلِّمَ الْكَفِيلَ إلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ لَزِمَ رَجُلًا وَادَّعَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ الْمِائَةَ دِينَارٍ بَلْ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا مُطْلَقًا، أَوْ مَالًا مُطْلَقًا أَوْ دَنَانِيرَ مُطْلَقَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهَا فَقَالَ رَجُلٌ: دَعْهُ وَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ فِي الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا ادَّعَى صَاحِبُ الْحَقِّ الْمِائَةَ دِينَارٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ فَمَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ، ثُمَّ مَضَى الْغَدُ يَصِيرُ كَفِيلًا بِالْمَالِ، فَإِنْ مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَإِنْ وَافَى وَرَثَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الطَّالِبِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمَالُ وَكَذَا إذَا دَفَعَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ نَفْسَهُ إلَى الطَّالِبِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمَالُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُوَافُوا بِهِ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِرَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ بِتَسْلِيمِهِ سَلَّمَهُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَعَلَيْهِ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَمَاتَ الْمَكْفُولُ بِالنَّفْسِ فَطَالَبَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ بِالتَّسْلِيمِ حَتَّى عَجَزَ عَنْ التَّسْلِيمِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْمَالُ قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ، وَالِدِي يَقُولُ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْمَوْتِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَمْ تُتَنَجَّزْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ قَتَلَك فُلَانٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لِدِيَتِك وَقَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ قَدْ رَضِيت فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ شَجَّك أَوْ قَطَعَ يَدَك، أَوْ قَتَلَ عَبْدَك، أَوْ غَصَبَك فَأَنَا ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ وَرَضِيَ الْمَضْمُونُ لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَك مِنْ النَّاسِ، أَوْ مَنْ غَصَبَك فَأَنَا ضَامِنٌ لِدِيَتِك فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهُوَ وَكِيلٌ بِخُصُومَتِهِ ضَامِنٌ لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ بِهِ الْمَطْلُوبُ فَذَلِكَ جَائِزٌ كُلُّهُ فَإِنْ وَافَى بِهِ فِي الْغَدِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فِي الْغَدِ صَارَ كَفِيلًا بِالْمَالِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَهَلْ يَبْرَأُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَعَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَتَهُ عَنْهُمَا مَتَى وَافَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ، وَإِذَا شَرَطَ بَرَاءَتَهُ عَنْهُمَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَفُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ وَكِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ فَمَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ فَفُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ ضَامِنٌ لَهُ وَرَضُوا بِهِ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ اتَّحَدَ الطَّالِبُ، وَالْمَطْلُوبُ فِي الْكَفَالَتَيْنِ إنَّمَا اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ.
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهُوَ وَكِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ وَرَضِيَ الطَّالِبُ بِذَلِكَ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ فِي الْغَدِ، وَهُوَ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ فَإِنْ قَضَى الْكَفِيلُ الطَّالِبَ حَقَّهُ فَلِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي الْأَدَاءِ وَمَتَى قَبِلَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِذَلِكَ وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ وَوَكِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ وَرَضِيَ الطَّالِبُ بِذَلِكَ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ أَيْضًا وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَجَعَلَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ ضَامِنًا لِمَا.
ذَابَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْكَفِيلِ فَإِنْ وَجَدَ الطَّالِبُ الْمَكْفُولَ بِهِ وَخَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي فَمَا قُضِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ فِي مَالِ الْكَفِيلِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ خُصُومَةِ الطَّالِبِ مَعَ الْمَطْلُوبِ فِي إثْبَاتِ الطَّالِبِ حَقَّهُ بِالْحُجَّةِ وَقَضَاءِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ تَرِكَةَ الْكَفِيلِ فَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْمَطْلُوبِ فَأَدَّى الْمَطْلُوبُ الْمَالَ فَالْمَطْلُوبُ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى أَحَدٍ.
وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ وَأَدَّوْا رَجَعُوا بِمَا أَدَّوْا عَلَى الطَّالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ إنْ عَجَزَ غَرِيمُك عَنْ الْأَدَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ فَالْعَجْزُ يَظْهَرُ بِالْحَبْسِ إنْ حَبَسَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ لَزِمَ الْكَفِيلَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا قَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِنَفْسِي غَدًا فَعَلَيَّ الْمَالُ الَّذِي تَدَّعِي فَلَمْ يُوَافِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنْ أُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ فَسَلَكَهُ فَأُخِذَ مَالُهُ كَانَ الضَّمَانُ صَحِيحًا، وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ مَجْهُولٌ وَمَعَ هَذَا جُوِّزَ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ أَكَلَ ابْنَك سَبُعٌ أَوْ أَتْلَفَ مَالَك سَبُعٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْفُصُولِ الأُسْتُروشَنِيَّة.
رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَيْنٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَكْفُلَانِ عَنْهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ هَذَا الْمَالِ فَأَبَى الْآخَرَانِ أَنْ يَكْفُلَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الْكَفَالَةُ الْأُولَى لَازِمَةٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي تَرْكِهِ الْكَفَالَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ أَحِلْنِي عَلَى فُلَانٍ بِمَا لِي عَلَيْك عَلَى أَنَّك كَذَلِكَ ضَامِنٌ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ عَلَى الْأَصِيلِ تَنْقَلِبُ كَفَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ ضَمِنْتُ لَك مَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَرَضِيَ الطَّالِبُ فَإِنْ أَحَالَهُ الضَّامِنُ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَبَى فُلَانٌ أَنْ يَقْبَلَ الْحَوَالَةَ فَالضَّامِنُ ضَامِنٌ عَلَى حَالِهِ إنْ شَاءَ الطَّالِبُ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ آخَذَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك مَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ فَهَذَا عَلَى أَنْ يُحِيلَهُ بِهِ فُلَانٌ مَتَى شَاءَ وَيَكُونُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى شَهْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَجُوزُ تَأْجِيلُهَا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَالْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فِيهَا مُحْتَمَلَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَجَمِيعُ الْآجَالِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ وَهَلْ يَثْبُتُ الْأَجَلُ إنْ كَانَ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ يَثْبُتُ سَوَاءٌ كَانَ أَجَلًا يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ أَوْ لَا يُتَوَهَّمُ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى أَنْ يَقْدَمَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ سَفَرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ إنْ لَمْ يُتَوَهَّمْ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ أَصْلًا كَمَا لَوْ كَفَلَ إلَى الْقِطَافِ، أَوْ إلَى النَّيْرُوزِ، أَوْ إلَى الْحَصَادِ، أَوْ إلَى الدِّيَاسِ جَازَ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ، وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ لِلْحَالِّ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى أَنْ تَهُبَّ الرِّيحُ، أَوْ إلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَصْلِ إذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى شَهْرٍ، أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِذَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي الصُّغْرَى وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ.
لَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا، أَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا وَمَا لَوْ قَالَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّ الْكَفِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطَالَبُ فِي الْمُدَّةِ وَيَبْرَأُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالْمُحِيطِ.
رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ كَفَلْت لَك بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّك مَتَى طَلَبْته فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَمَتَى طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ شَرَطَ هَذَا الشَّرْطَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ فَلَا يُطَالِبُهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا طَالَبَهُ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَمَتَى طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ طَلَبِهِ، وَإِذَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لَهُ بِالطَّلَبِ الثَّانِي أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ، وَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إنْ قَالَ حِينَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئْتُ إلَيْك مِنْهُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَوْ دَفَعَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ مِنْهُ ثَانِيًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَرَاءَةً لَهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَرَّةً وَلَمْ يَبْرَأْ فَطَالَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ أَيْضًا مِنْ يَوْمِ طَلَبِهِ مِنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى آخَرَ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا ثَبَتَ عَلَى الْكَفِيلِ مُؤَجَّلًا وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ حَالًّا وَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ مُؤَجَّلًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُمَا جَمِيعًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الطَّالِبُ وَقْتَ الْكَفَالَةِ الْأَجَلَ لِأَجْلِ الْكَفِيلِ خَاصَّةً فَلَا يَتَأَخَّرُ الدَّيْنُ حِينَئِذٍ عَنْ الْأَصِيلِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ فَمَاتَ الْكَفِيلُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالًّا وَلَا تَرْجِعُ وَرَثَتُهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَإِنْ مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ الدَّيْنُ فِي حَقِّهِ وَيَبْقَى مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْكَفِيلِ حَتَّى لَوْ اخْتَارَ الْمَكْفُولُ لَهُ مُتَابَعَةَ الْكَفِيلِ دُونَ وَرَثَةِ الْأَصِيلِ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَكَفَلَ بِهَا رَجُلٌ إلَى سَنَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَضَافَ الْكَفِيلُ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَجِّلْنِي يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بَلْ ذُكِرَ مُطْلَقًا وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ، وَالْأَصِيلِ جَمِيعًا.
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٌ فَكَفَلَ بِهَا كَفِيلٌ إلَى أَجَلٍ مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، أَوْ دُونَهُ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّى.
وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا عَلَى الْأَصِيلِ فَأَخَّرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إلَى أَجَلٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الطَّالِبِ، وَإِنْ أَخَّرَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ إلَى أَجَلٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ فِي حَقِّ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ جَمِيعًا، وَإِذَا أَخَّرَ الْكَفِيلَ إلَى أَجَلٍ صَحَّ التَّأْخِيرُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ رَدَّ الْكَفِيلُ التَّأْخِيرَ ارْتَدَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
فَإِنْ أَدَّى الْكَفِيلُ فِيمَا إذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ خَاصَّةً قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ مَا لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ كَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ غَصْبٍ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ إلَى سَنَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْكَفِيلِ حَالٌّ كَمَا كَانَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِذَا كَفَلَ بِالْمَالِ رَجُلٌ فَكَفَلَ عَنْ الْكَفِيلِ رَجُلٌ آخَرُ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ أَخَّرَ الْمَالَ عَنْ الْأَصِيلِ كَانَ ذَلِكَ تَأْخِيرًا عَنْ الْكَفِيلَيْنِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ الْآخَرِ، وَالْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ بَاعَ الطَّالِبَ بِهَا عَبْدًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلِهِ وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، أَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ لَا يَعُودُ الْأَجَلُ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْكَفِيلُ عَبْدًا وَلَكِنْ قَضَاهَا وَعَجَّلَهَا فَوَجَدَهَا سَتُّوقَةً فَرَدَّهَا كَانَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً وَرَدَّهَا بِقَضَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَإِنْ كَانَ حِينَ أَعْطَاهُ الْمَالَ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زُيُوفٌ وَقَبَضَ مَعَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ وَبَاعَ الْأَصِيلُ مِنْ الطَّالِبِ عَبْدًا بِذَلِكَ الْمَالِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ حَتَّى بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْكَفَالَةِ حُكْمًا بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الطَّالِبِ أَوْ رَدَّهُ الطَّالِبُ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَادَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَعُودُ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ، وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّاهُ وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا أَخَّرَ الْكَفِيلَ، وَالْأَصِيلَ شَهْرًا، ثُمَّ أَخَّرَهُ سَنَةً دَخَلَ الشَّهْرُ فِي السَّنَةِ فَالْآجَالُ إذَا اجْتَمَعَتْ انْقَضَتْ بِمُدَّةٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الْكَفَالَةِ، وَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْكَفَالَةِ صَحِيحٌ.
صُورَةُ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ كَفَلَ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَإِنْ جَحَدَ الطَّالِبُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.